قال «إنها ستكون فتنة» قيل: وما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم» أخرجه الترمذي، وورد في الحديث ما معناه: أن القرآن اشتمل على ذكر الحلال والحرام والمحكم والمتشابه والأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه واعتبروا بأمثاله، وقال بعضهم: اشتمل القرآن على تسعة أشياء:

سأنبئكما في بيت شعر بلا خلل            فقال: لا إنما القرآن تسعة أحرف

بشير نذير عظة قصة مثل                     حلال حرام محكم متشابه

وأصل علوم القرآن ثلاثة: توحيد وتذكير وأحكام، فالتوحيد يدخل فيه معرفة المخلوقات ومعرفة الخالق بأسمائه وصفاته وأفعاله، والتذكير منه الوعد والوعيد والجنة والنار.

والأحكام منها التكاليف كلها وتبيين المنافع والمضار والأمر والنهي والندب، ولهذا كانت الفاتحة أم القرآن لأن فيها الأقسام الثلاثة، وسورة الإخلاص ثلثه لأن فيها أحد الأقسام وهو التوحيد([12]).

وقال ابن جزي في مقدمة تفسيره: معاني القرآن سبعة:

1- علم الربوبية، ومنه إثبات وجود الباري جل جلاله والاستدلال عليه بمخلوقاته.

2- والنبوة وإثبات نبوة الأنبياء عليهم السلام على العموم وإثبات نبوة نبينا محمد على الخصوص وإثبات الكتب التي أنزلها الله عليهم ووجود الملائكة الذين كانوا وسائط بين الله وبينهم.

3- المعاد: وهو إثبات الحشر وذكر ما في الآخرة من الحساب والجزاء وصحائف الأعمال وكثرة الأهوال والجنة والنار.

4- الأحكام: وهي الأوامر والنواهي وتنقسم خمسة أنواع، واجب ومندوب وحرام ومكروه ومباح، ومنها ما يتعلق بالأبدان كالصلاة والصيام، وما يتعلق بالأموال كالزكاة وما يتعلق بالقلوب كالإخلاص والخوف والرجاء وغير ذلك.

5- الوعد: ومنه وعد بخير الدنيا كالنصر على الأعداء والحياة الطيبة والأمن والاستقرار ومنه وعد بخير الآخرة كأوصاف الجنة ونعيمها.

6- الوعيد: ومنه تخويف بالعقاب في الدنيا كالخوف والمرض والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات، ومنه وعيد، بعقاب الآخرة كعذاب القبر، وأهوال يوم القيامة، وشدة الحساب، ودخول النار، وتأمل القرآن تجد الوعد مقرونا بالوعيد كقوله: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13، 14] ليبعث على الخوف والرجاء.

7- القصص: وذكر أخبار الأنبياء مع قومهم وماجرى لهم من نجاة المصدقين وهلاك المكذبين ليعتبر اللاحقون بالسابقين فلا يعملون مثل عملهم فيصيبهم ما أصابهم([13]).